يحسم القضاء الأمريكي اليوم مصير قرار إدارة ترامب بشأن حظر تيك توك في الولايات المتحدة، فيما أكدت واشنطن أن فرض قيود جديدة على بيع التكنولوجيا الأمريكية لأكبر مصنّع للأجهزة شبه الموصولة في الصين.
تعقد اليوم الأحد جلسة استجابة لالتماس عاجل قدمه تطبيق تيك توك أمام القضاء الأمريكي.
وستلقى الجلسة متابعة من أوساط الأعمال ومن بكين التي تعلق أهمية كبرى على التطبيق وتحديداً خوارزميته.
وإذا أكد القاضي قرار ترامب بحظر تيك توك، فلن يعود من الممكن تنزيله في الولايات المتحدة اعتباراً من مساء اليوم الأحد، فيما يصبح من المستحيل على المستخدمين الحاليين تحديثه.
وبإمكان القاضي أيضاً منح مهلة إضافية لتطبيق تسجيلات الفيديو القصيرة الواسع الرواج والذي يحظى بقرابة 100 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، على غرار ما حصل قبل أسبوع لتطبيق « وي تشات » الصيني.
ومن غير المستبعد التوصل إلى اتفاق بين إدارة ترامب والشركة الأم لتيك توك مجموعة « بايت دانس » الصينية.
وقدمت « بايت دانس » هذا الأسبوع التماساً عاجلاً إلى المحكمة الفدرالية في واشنطن مؤكدة أن حظر التطبيق مخالف للدستور الأمريكي.
وأوضحت الشركة أن حظر التنزيل سيكبدها أضراراً فادحة بينما كان التطبيق يكسب نحو 424 ألف مستخدم أمريكي جديد يومياً في مطلع الصيف.
« مخاوف على المن القومي الأمريكي »
ووقع ترامب في مطلع غشت الماضي مرسوماً يرغم بايت دانس على بيع التطبيق لشركة أمريكية معتبراً أن تيك توك يشكل خطراً على « الأمن القومي » إذ يتهمه منذ فترة بالتجسس على مستخدميه لحساب بكين، من غير أن يورد أي دليل على ذلك.
وينص آخر مشروع اتفاق أعلن عنه في نهاية الأسبوع الماضي على إنشاء شركة جديدة « تيك توك غلوبال » تضم شركة أوراكل الأمريكية بصفتها شريكاً تكنولوجياً في الولايات المتحدة وشركة وولمارت الأمريكية كشريك تجاري.
وبموجب الاتفاق، ستملك أوراكل 12.5% من رأسمال تيك توك فيما تمتلك وولمارت 7.5%، كما سيشغل أمريكيون، أربعة من مقاعد مجلس الإدارة الخمسة.
لكن إتمام هذا المشروع يتوقف على إرادة الرئيس الأمريكي والحكومة الصينية وسط حرب تجارية متصاعدة بين واشنطن وبكين.
فالتطبيق بات آخر رمز للمعركة الجارية بين الولايات المتحدة والصين للهيمنة على مجال التكنولوجيا المتطورة.
وردد الرئيس الأمريكي الاثنين أنه لن يعطي مواقفته على الاتفاق إذا استمرت الشركة الأمّ الصينية « بايتدانس » في « السيطرة » على المجموعة الجديدة، مؤكداً في الوقت نفسه أن أوراكل ووولمارت ستمتلكان غالبية رأسمال المجموعة الجديدة بموجب الصفقة.
ووصفت « بايتدانس » التي تضم مستثمرين أمريكيين هذه المعلومات بأنها « شائعات خاطئة ».
وحذرت الخزانة الأمريكية بأنه في حال لم تفض المحادثات الجارية إلى نتيجة، فقد يحظر نشاط تيك توك بالكامل على الأراضي الأمريكية اعتباراً من 12 نونبر المقبل.
لكن المجموعة الصينية أعلنت الخميس أنها تقدمت بـ « طلب إذن » لتصدير تكنولوجيا، من دون أن توضح موضوع طلبها.
وقد تكون هذه البادرة تتعلق بالخوارزمية التي حققت نجاح تيك توك، وتسمح بتوجيه المحتويات بحسب أذواق المستخدمين فتعرض على كل شخص مضامين يمكن أن تهمه، ما يحمله على قضاء أكبر وقت ممكن في تصفح الفيديوهات على المنصة.
وترفض الصين أن ينتقل هذا النظام المعلوماتي الثمين إلى الأمريكيين.
وأدرجت بكين في 28 غشت الماضي الخوارزميات في قائمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي لا يمكن تصديرها بدون إذن.
قيود جديدة على بيع التكنولوجيات الأمريكية للصين
في سياق متصل، أمرت واشنطن الشركات الأمريكية بطلب الإذن قبل بيعها تكنولوجياتها إلى شركة « سميك » الصينية العملاقة لصناعة الأجهزة شبه الموصولة، في خطوة تندرج في إطار صراع مع الصين للهيمنة على قطاع التكنولوجيا، وفق ما أفادت السبت صحيفة وول ستريت جورنال.
وأوردت الصحيفة أن وزارة التجارة « أبلغت شركات الرقاقات الحاسوبية الأمريكية بوجوب أن تتحصل على تراخيص قبل تصدير تكنولوجيات معيّنة إلى أكبر مصنّع للأجهزة شبه الموصولة في الصين ».
وتم الإعلان عن القواعد الجديدة في رسالة وُجّهت الجمعة إلى القيّمين على القطاع، جاء فيها أن « الصادرات إلى الشركة الدولية لصناعة الأجهزة شبه الموصولة (سميك) أو الشركات التابعة لها يمكن أن تستخدم في أنشطة عسكرية صينية ».
وأفادت الصحيفة أن لدى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب « مخاوف متزايدة حول اعتماد الصين على الشركات الخاصة للمضي قدما في تحقيق أهدافها العسكرية ».
ورفضت وزارة التجارة الإدلاء بأي تعليق حول هذه المسألة، لكن متحدثاً باسم مكتب الصناعة والأمن في الوزارة قال إن المكتب « يواصل رصد وتقييم أي تهديد محتمل للأمن القومي ولمصالح السياسة الخارجية »، و »سيتّخذ الإجراءات المناسبة.
وتعتمد بكين بشكل كبير على شركة « سميك » في إطار سعيها لتحقيق اكتفاء ذاتي على صعيد الأجهزة شبه الموصولة.
ويقول محللون إن اعتماد الصين على مصادر خارجية للرقاقات الحاسوبية، بما فيها الصناعات الأمريكية، يعيق تحقيق هذا الهدف.