أبدى المتابعون لدى استئناف الدوري الألماني لكرة القدم نشاطه في 16 ماي الماضي بعد توقف دام قرابة شهرين بسبب فيروس كورونا المستجد، تخوفهم من أمور شتى: تفشي الوباء بين أفراد الفرق، تعرض اللاعبين لإصابات بدنية، أو تجمع المشجعين حول الملاعب… لكن ألمانيا تبدو في طريقها لكسب رهان إقامة منافسات اللعبة في زمن كورونا.
وكانت البوندسليغا الأولى بين البطولات الأوروبية الكبرى تستأنف نشاطها، بينما تستعد الليغا الإسبانية للقيام بذلك هذا الخميس، على ان يليها الدوري الإنكليزي الممتاز في 17 يونيو، و”سيري أ” الإيطالية في في 20 منه…
في ما يأتي خمسة عناوين عريضة بشأن إقامة المباريات خلف أبواب موصدة في زمن “كوفيد-19”:
– بروتوكول صحي فعَال –
يخضع اللاعبون لبروتوكول صحي صارم يشمل إجراء فحوص لكشف فيروس كورونا مرتين في الأسبوع، ويتعين عليهم التزام البقاء في منازلهم مع أفراد عائلاتهم، بالاضافة الى احترام التباعد الاجتماعي، وبالتالي يمكن القول إن اللاعبين يتمتعون بحماية كبيرة. فحتى الآن، لم يتعرض اي فريق لتفشٍّ شامل للعدوى في صفوفه.
وأظهرت الأندية حزما كبيرا في هذا الاطار مع قيام بوروسيا دورتموند بتغريم لاعبيه الانكليزي جايدون سانشو والمغربي أشرف حكيمي لانهما جلبا حلاقهما الخاص الى منزلهما ليخرقا بالتالي قانون عدم مخالطة أي شخص من خارج دائرة العائلة أو الفريق.
وارتفعت أصوات مطالبة بتخفيف قيود البروتوكول تزامنا مع عودة الحياة الى طبيعتها في البلاد حيث بدأ بالسماح بارتياد المقاهي ولقاء الأصدقاء وحتى زيارة صالونات الحلاقة.
– استعادة اللياقة –
خلافا لتوقعات أطباء اختصاصيين في الرياضة، لم تسجل أي زيادة غير منطقية في نسبة الإصابات وتحديدا العضلية منها بعد الاستئناف.
استغل مدربو الفرق التغييرات التي طالت قانون التبديلات حيث سمح الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) لكل فريق بإجراء خمسة تبديلات بدلا من ثلاثة خلال المباريات، ما سمح بإراحة اللاعبين وتفادي إجهادهم بعد التوقف الطويل.
وأعرب الأطباء والمعالجون الفيزيائيون عن دهشتهم من مستوى اللياقة الذي احتفظ به معظم اللاعبين. وعلى سبيل المثال، قام فلاديمير داريا من هرتا برلين بالركض مسافة 14,34 كلم خلال مباراة فريقه ضد أوغسبورغ، وهو رقم قياسي منذ العمل بهذه الاحصائية في البوندسليغا موسم 2011-2012.
– موازين القوى لم تتغير –
تخوف كثيرون من تدني اللياقة البدنية لدى اللاعبين بعد توقف طويل.
لكن في الواقع، لم تتغير موازين القوى، حيث استمر بايرن ميونيخ في فرض سطوته على الفرق الأخرى بدليل فوزه في مبارياته الخمس حتى الآن، وأبرزها خارج ملعبه على منافسين رئيسين له هما بوروسيا دورتموند (الثاني) وباير ليفركوزن (الخامس)، ليوسع الفارق في الصدارة الى سبع نقاط ويخطو خطوة كبيرة نحو لقبه الثامن تواليا.
في المقابل، بقيت الفرق التي تحتل مراكز متأخرة في الترتيب، على مستواها.
أدى غياب الجمهور في المدرجات الى تأكيد مقولة إن “الفرق التي تملك النوعية الفردية تتفوق في معظم الأوقات” بحسب ماركوس كروتشه المدير الرياضي في نادي لايبزيغ.
– انتفاء أفضلية الملعب –
لعلها المفاجأة الأبرز في الدوري الألماني: ففي الموسمين الماضيين، انتهت 45 في المئة من المباريات بفوز الفريق المضيف، لكن هذه النسبة هبطت الى 22 في المئة بعد استئناف النشاط الشهر الماضي (10 انتصارات بيتية في 46 مباراة).
وقال مدير نادي بوروسيا دوتموند ولاعبه السابق سيباستيان كيهل، الذي يعتمد فريقه كثيرا على تشجيع أنصاره في “الجدار الأصفر” على ملعب “سيغنال إيدونا بارك” الذي يتسع لأكثر من 80 ألف متفرج، “إنه جنون، لم نكن نتوقع ذلك لهذه الدرجة”.
أما مدرب باير ليفركوزن الهولندي بيتر بوس فقال “لا اعتقد أن الأمر صدفة. الجمهور يساعد دائما فريقه وعندما نخوض مباريات خارج ملعبنا دون جمهور يصبح الأمر أكثر سهولة”.
– انضباط الجماهير –
أعرب بعض المسؤولين السياسيين عن خشيتهم من إمكانية قيام المشجعين بالتجمع خلال أيام المباريات في محيط الملاعب الخاصة بفرقهم، لكن هؤلاء أظهروا انضباطا كبيرا من هذه الناحية. حتى الآن تسير الأمور بشكل جيد لكن يبقى معرفة ما إذا كانت هذه الظاهرة ستستمر لا سيما مع تخفيف قيود الحجر الصحي ومع اقتراب موعد المباريات الحاسمة، لاسيما تلك التي يتوقع ان تشهد تتويج بايرن ميونيخ باللقب، حيث يخشى قيام جمهور الأخير بالتجمع للاحتفال.
وسارعت سلطات المدينة البافارية للتأكيد بأنها ستمنع الاحتفالات التي كانت ترافق تتويج الفريق البافاري من شرفة مقر البلدية وسط احتشاد الآلاف من انصاره.