تحتفل الكونفدرالية المغربية للهيئات الفنية والثقافية الاحترافية، ولأول مرة بعد تأسيسها سنة 2019، بعيد الشغل ألأممي على غرار كل التمثيليات المهنية في المغرب وفي العالم بأسره. وتعتبر الكونفدرالية أهم إنجاز تنظيمي تحقق في قطاعنا، كائتلاف لمختلف القوى الحية التي تمثل سائر المشتغلين في المجال الثقافي والفني وكهيأة مدنية تروم الترافع و الدفاع عن حقوق وكرامة الفاعلين في مجالات عملنا الحيوية.
إننا نحتفل اليوم، في سياق دولي ووطني، يتسم بالحجر الصحي والركود الاقتصادي، بسبب جائحة كورونا، التي ساهمت في تعميق الأزمة البنيوية للإنتاج الفكري بكل فروعه وروافده. وفي ظروف صعبة انعكست بكثير من الضرر والنكوص على شغلنا وممارستنا لمهن هي في المبدأ مهن غير مهيكلة وتحتاج لتغييرات جذرية وإصلاحات هيكلية على المستويين التشريعي والسياسي.
فإذا ألقينا نظرة سريعة على السياسات العمومية، إن وجدت، في مجال الموسيقى و الدراما والرقص والغناء والتشكيل والسينما والتلفزيون والكتابة والتأليف والنقد، وكل أشكال ووسائل التعبير والإنتاج الفكري والفني، وما ارتبط بها مؤسسات فنية وخدماتية، ومن مقاولات صناعية لتزويد القطاع بالمعدات التقنية والسمعية البصرية، ومن مؤسسات للتكوين الفني على اختلاف اختصاصاتها، سيتضح لنا جليا بأن الفنون بشكل خاص والثقافة بشكل عام لم تستأثر باهتمام الحكومة المغربية التي ظلت عاجزة عن وضع سياسات عمومية حقيقية لتطوير ومأسسة وتنظيم هذه القطاعات وإدماجها في صلب السياسات العمومية كاقتصاد قائم بذاته، له مقوماته وضوابط اشتغاله ولازالت تكرس النظرة الاختزالية للفنون وتعتبرها وسيلة للترفيه والتسلية وملء أوقات الفراغ.
فبالرغم من أن الثقافة والفن يشكلان أساس هوية مجتمعنا، ووسائل عملية ورافعات مهمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، ويكونان قطاعا حيويا، يساهم في الدورة الاقتصادية، ويخلق ماليين فرص الشغل بطريقة مباشرة و غير مباشرة؛ فإنهما لا زالا مهمشان في الحوارات الاجتماعية الاستراتيجية التنموية لبلادنا.
إن المكتب التنفيذي للكونفدرالية المغربية للهيئات الفنية والثقافية الاحترافية يتابع، بقلق شديد، الأوضاع الحالية التي تعيشها الساحة الثقافية والفنية، ويستحضر الأوضاع الهيكلية الاقتصادية منها والاجتماعية، والمتسمة بالهشاشة وعدم الاستقرار، والظروف الصعبة التي تعيشها شغيلة القطاع منذ عقود، في غياب الحوار الحكومي الجاد وسيادة سياسة التهميش والإقصاء من الدعم العمومي وتمركزه في أياد سماسرة ولوبيات، وفي غياب الاجراءات التحفيزية، والفراغ التشريعي الذي يساهم في انتعاش هذه السيطرة واستمرارها، المتمثل في المماطلة في تنزيل النصوص التشريعية و التنظيمية، مما ساهم في طغيان الممارسات اللاقانونية والسلوكات الإدارية المجحفة المتمثلة في تأخير صرف الدعم العمومي للمسرح، والمهرجانات السينمائية، ومستحقات المقاولين الذاتيين ومؤسسات الإنتاج الدرامي والموسيقي والغنائي، السينمائي وكذا حجب الحقوق المجاورة مما نتج عنه حرمان جزء غير يسير من فناني الأداء من مستحقاتهم المادية، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد. هذا بالإضافة إلى غياب الاهتمام بالرواد وضمان رعايتهم الاجتماعية والصحية، وتهميش الطاقات الإبداعية الشابة من خريجي المعاهد الفنية، وتعريضها للهشاشة والبطالة، دون أن ننسى التخلي التدريجي والمقصود للحكومة المغربية عن دورها التأطيري والتنظيمي المساند للإبداع والمبدعين.